دخول خريطة الموقع عن الموقع راسلنا بيان الخصوصية  
بحث

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

 
خدمات الموقع
روابط هامة
DeptWhatsapp
دليل العمل بالمساجد
mythaq-almasjed.gif
khotba.gif 
manhag.gif
abhass.gif
abhass.gif
reaya.jpg
reaya.jpg
MosqeTemplete.gif
TorassyMosqe.gif
   
  Skip Navigation Links  
خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
خطبة - اسْتِقْبَالُ شَهْرِ الصِّيَامِ - بتاريخ 3 / 5 / 2019م

طباعة الخطبة PDF اضغط هنا

طباعة الخطبة word اضغط هنا

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 28 من شعبان 1440هـ - الموافق 3 / 5 / 2019م

اسْتِقْبَالُ شَهْرِ الصِّيَامِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الصِّيَامَ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، وَمَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِمَوَاسِمِ التَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالإِكْرَامِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ مِنَ الْفَضْلِ وَالإِنْعَامِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ بَشَّرَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً بِغُفْرَانِ الْخَطَايَا وَالآثَامِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ السَّادَةِ الْأَعْلَامِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرًا مَا تَعَاقَبَتِ اللَّيَالِي وَالأَيَّامُ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ -عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ؛ فَإِنَّهُ مَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ( [الحديد:28].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

سَيُظِلُّنَا شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَضِيلٌ، وَمَوْسِمٌ لِلْخَيْرِ جَلِيلٌ، تَهْفُو إِلَيْهِ عَلَى مَدَارِ الْعَامِ أَفْئِدَتُنَا، وَتَشْتَاقُ إِلَى اسْتِقْبَالِهِ أَرْوَاحُنَا، الأَعْمَالُ فِيهِ عَظِيمَةٌ، وَالأُجُورُ كَرِيمَةٌ، تَكَاثَرَتْ فِيهِ وُجُوهُ الْخَيْرِ وَالإِحْسَانِ، وَتَوَاصَلَتْ فِيهِ أَسْبَابُ الْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ، حَتَّى إِنَّ الْمَرْءَ لَيَتَقَاصَرُ عَنْ إِحْصَاءِ فَوَائِدِهِ، وَيَعْجِزُ عَنِ الإِحَاطَةِ بِعَوَائِدِهِ، إِنَّهُ شَهْرٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ r يُهَنِّئُ أَصْحَابَهُ بِوُصُولِهِ، وَيُبَشِّرُهُمْ بِحُلُولِهِ، وَيَحُثُّهُمْ عَلَى صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ، وَاغْتِنَامِ سَاعَاتِهِ وَأَيَّامِهِ؛ فَيَقُولُ: «قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ» [رَوَاهُ  أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ t].

وَالْمُوَفَّقُ - حَقًّا- مَنِ اغْتَنَمَ أَيَّامَهُ بِحُسْنِ الصِّيَامِ، وَقَامَ لَيَالِيَهُ حَقَّ الْقِيَامِ، وَصَانَ جَوَارِحَهُ عَنِ الْخَطَايَا وَالآثَامِ، وَعَمَرَ بِالطَّاعَاتِ كُلَّ أَوْقَاتِهِ، وَاغْتَنَمَ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ سَاعَاتِـهِ، فَطُوبَى لِمَنْ شَمَّرَ فِيهِ مُخْلِصًا، وَيَا حَسْرَةً عَلَى مَنْ يَكُونُ فِيهِ مُفْلِسًا.

عِبَادَ اللهِ:

إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَفْرَحُ بِهِ فَرَحًا كَبِيرًا، وَيُسَرُّ سُرُورًا كَثِيرًا؛ فَإِنَّهُ مِنَ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ، وَالْمِنَنِ النَّفِيسَةِ الْكَرِيمَةِ؛ أَنْ يُدْرِكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَيُوَفَّقَ لِصِيَامِهِ وَقِيَامِهِ، وَيُكْثِرَ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ فِي لَيَالِيهِ وَأَيَّامِهِ؛ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ [اسْمُ قَبِيلَةٍ] قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r، وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا، فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ، قَالَ طَلْحَةُ: (فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ، فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ)، فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ، فَعَجِبُوا لِذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ r، وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: «مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ» ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ‍ هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ، وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً» ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَ، وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ»؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» [رَوَاهُ أَحَمْدُ وَاِبْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ].

إِخْوَةَ الإِيمَانِ:

إِنَّ خَيْرَ مَا يُسْتَقْبَلُ بِهِ شَهْرُ رَمَضَانَ: التَّوْبَةُ الصَّادِقَةُ النَّصُوحُ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، وَمِنْ كُلِّ الْآثَامِ وَالرَّزَايَا؛ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُذْنِبٍ وَمُقَصِّرٍ، وَاللهُ تَعَالَى يَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَوِزْرٍ؛ قَالَ تَعَالَى: )وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( [النور:31]، وَعَنْ أَنَسٍ t أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ إِذَا اسْتَيْقَظَ عَلَى بَعِيرِهِ، قَدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضِ فَلَاةٍ» [رَوَاهُ الشَّيْخَانِ].

وَيُسْتَقْبَلُ رَمَضَانُ بِالنِّيَّةِ الصَّادِقَةِ فِي إِخْلَاصِ الْأَعْمَالِ وَإِتْقَانِهَا، وَالْإِكْثَارِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ وَإحْسَانِهَا؛ وَبِقَصْدِ مُتَابَعَةِ النَّبِيِّ r فِي هَدْيِهِ وَسُنَّتِهِ، وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ قَوْلًا وَعَمَلًا كَمَا وَرَدَ فِي شَرِيعَتِهِ؛ فَإِنَّ الْإِخْلَاصَ وَالْمُتَابَعَةَ هُمَا رُكْنَا الْأَعْمَالِ؛ لِتُقْبَلَ عِنْدَ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ؛ وَلِذَا أَكَّدَ النَّبِيُّ r عَلَى ذَلِكَ أَيَّمَا تَأْكِيدٍ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].

وَيُسْتَقْبَلُ رَمَضَانُ كَذَلِكَ بِالْهِمَّةِ الْعَالِيَةِ الْقَوِيَّةِ، وَالْعَزِيمَةِ الْمَاضِيَةِ الْفَتِيَّةِ؛ الَّتِي تَطْمَحُ لِنَيْلِ الْمَعَالِي وَاكْتِسَابِهَا، وَتَنْأَى عَنْ سَفَاسِفِ الْأُمُورِ بِاجْتِنَابِهَا، وَتَطْرُقُ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لَعَلَّ اللهَ يَجْعَلُهُ مِنْ أَصْحَابِهَا؛ فَالْمُؤْمِنُ لَا يَرْضَى غَايَةً دُونَ الْجَنَّةِ، فَمَا عَلَى الرَّاغِبِينَ فِيهَا وَالْمُحِبِّينَ لَهَا إِلَّا أَنْ يُقْدِمُوا عَلَيْهَا، وَيُشَمِّرُوا إِلَيْهَا؛ إِذِ الأَبْوَابُ مُفَتَّحَةٌ وَالأَسْبَابُ مُهَيَّأَةٌ، فَطُوبَى لِلْمُشَمِّرِينَ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [ أَيْ: عَمِلَ صِنْفَيْنِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ] نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ« فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ t: (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا)؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].

مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ:

وَيُسْتَقْبَلُ رَمَضَانُ بِالْإِقْدَامِ عَلَى مَا يُزَيِّنُ النُّفُوسَ وَيُزَكِّيهَا، وَبِالْإِحْجَامِ عَمَّا يَشِينُهَا وَيُدَسِّيهَا؛ فَشَهْرُ الصِّيَامِ  فُرْصَةٌ لِتَتَزَكَّى النُّفُوسُ مِنْ أَوْضَارِهَا، وَتَنْطَلِقَ الأَرْوَاحُ مِنْ إِسَارِهَا؛ فَتُقْبِلَ عَلَى الْخَيْرِ وَتَكُفَّ عَنِ الشَّرِّ، فَتَرَى النَّاسَ مَا بَيْنَ مُفَطِّرٍ لِلصَّائِمِينَ، وَخَادِمٍ لِشَأْنِ الْقَائِمِينَ، وَقَارِئٍ لِكِتَابِ اللهِ الْمُبِينِ، وَوَاصِلٍ لِلرَّحِمِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِصِلَتِهَا، فَيَكْثُرُ الْخَيْرُ وَالْعَامِلُونَ بِهِ وَالدَّاعُونَ إِلَيْهِ، وَيَقِلُّ الشَّرُّ وَالْمُحَرِّضُونَ عَلَيْهِ، وَتَتَهَيَّأُ سُبُلُ الصَّلَاحِ لِكُلِّ مَنْ يُرِيدُ طُرُوقَهَا، وَتَنْكَمِشُ دَوَاعِي الْفَسَادِ أَمَامَ مَنْ يَوَدُّ سُلُوكَهَا؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ: «إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ: صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ» [رَوَاهُ  التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ].

فَيَا بَاغِيَ الْخَيْرِ اضْرِبْ بِسَهْمِكَ فَدُونَكَ أَسْهُمَ التِّجَارَةِ الرَّابِحَةِ، وَاعْمَلْ فَإِنَّكَ فِي مَيْدَانِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، وَهَدَانَا لِإِحْسَانِ الْعِبَادَةِ سُنَّةً وَفَرْضاً، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَبِفَضْلِهِ وَتَوْفِيقِهِ تُبْلَغُ الْمَنَازِلُ وَالدَّرَجَاتُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَرَعَ لِعِبَادِهِ مَوَاسِمَ الطَّاعَاتِ، وَهَيَّأَ لَهُمْ مَيَادِينَ التَّنَافُسِ فِي الْخَيْرَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى سُوقِ الْحَسَنَاتِ وَأَرْبَحِ التِّجَارَاتِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرًا مَا دَامَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَوَاتُ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ:

وَإِنَّ مِمَّا يُسْتَقْبَلُ بِهِ شَهْرُ الصِّيَامِ: أَنْ يَضَعَ الْمُسْلِمُ لِنَفْسِهِ خُطَّةً وَمَشْرُوعًا لِاغْتِنَامِ نَفْحَاتِ الشَّهْرِ الْمُبَارَكَةِ، مِنَ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَالتَّصَدُّقِ وَتَفْطِيرِ الصُّوَّامِ، وَقِرَاءَةِ كِتَابِ اللهِ بِتَأَمُّلٍ وَتَدَبُّرٍ، وَاتِّعَاظٍ وَتَفَكُّرٍ، وَالْمُشَارَكَةِ فِي مَشَارِيعِ الْخَيْرِ وَالْبَرِّ وَالْإِطْعَامِ، وَمُوَاسَاةِ الْفُقَرَاءِ وَالْأَرَامِلِ وَالْأَيْتَامِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ وَخَاصَّةً الْجِيرَانَ وَالْأَرْحَامَ؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ؛ قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ].

وَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَفَقَّهَ فِي أَحْكَامِ الصِّيَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَيَتَعَلَّمَ آدَابَهُ الْمَرْعِيَّةَ؛ لِيَعْبُدَ اللهَ عَلَى عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ، )قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ  ([يوسف:108].

فَحَرِيٌّ بِكُلِّ عَاقِلٍ أَنْ يَغْتَنِمَهُ فِي التَّزَوُّدِ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ، وَيَكُفَّ فِيهِ عَنِ الْمَآثِمِ وَالْمُنْكَرَاتِ؛ لِئَلَّا يَخْسَرَ مَا اغْتَنَمَهُ مِنَ الْمَكَاسِبِ الْعَظِيمَةِ، وَلَا يُضَيِّعَ مَا كَسَبَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَالأُجُورِ الْكَرِيمَةِ؛ فَالْعَاقِلُ لَا يُبَدِّدُ مَا حَصَّلَهُ فِي سُوقِ الْحَسَنَاتِ بِفِعْلِ مَا يُذْهِبُهَا لِيَرْجِعَ خَالِيَ الْوِفَاضِ دَائِمَ الحَسَرَاتِ؛ بِسَبَبِ مَا يُتَابِعُ مِنْ أَفْلَامٍ وَمُسَلْسَلَاتٍ، وَبَرَامِجَ وَمُسَابَقَاتٍ، وَأَغَانٍ وَمُنَوَّعَاتٍ، لَا يَكَادُ يَخْرُجُ مِنْهَا صَائِمُ النَّهَارِ وَقَائِمُ اللَّيْلِ بِفَائِدَةٍ مَرْجُوَّةٍ فِي دِينِهِ وَآخِرَتِهِ!!؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» [رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ].

وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْ جَوَارِحَهُ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُنْكَرَاتِ، فَيَصُونَ قَلْبَهُ عَنِ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَسَائِرِ الأَدْوَاءِ، وَيُعِفَّ لِسَانَهُ عَنِ الْقِيلِ وَالْقَالِ وَالشَّتَائِمِ وَالسِّبَابِ، وَيُنَزِّهَ عَيْنَهُ عَنْ نَظْرَةِ الْحَرَامِ، وَيَنْأَى بِأُذِنِهِ وَسَائِرِ جَوَارِحِهِ عَنِ الآثَامِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي مِثْلِ هَذَا الصِّيَامِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ r: «كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ t وَحَسَّنَهُ مُحَقِّقُهُ الأَرْنَاؤُوطُ].

فَحَافِظْ عَلَى صَوْمِكَ - يَا عَبْدَ اللهِ - مِنَ الزَّلَلِ، وَاحْذَرْ ذَهَابَ أَجْرِ الْعَمَلِ، فَأَنْتَ أَوْلَى بِحَسَنَاتِكَ وَأَفْقَرُ لِتَكْفِيرِ سَيِّئَاتِكَ؛ قَالَ جَابِرٌ t: (إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلاَ تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً) [رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ].

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالأَئِمَّةِ المَهْدِيِّينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ، وَوَفِّقْنَا فِيهِ لِلتَّقْوَى وَالْبِرِّ وَالإِحْسَانِ، وَاجْعَلْنَا فِيهِ مِنْ عُتَقَائِكَ مِنَ النِّيرَانِ، وَأَعِنَّا فِيهِ - يَا رَبَّنَا - عَلَى حُسْنِ الْعِبَادَةِ فِي الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَعَلَى غَضِّ الْبَصَرِ وَحِفْظِ الجَوَارِحِ مِنَ الآثَامِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ؛ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُدْ بِنَوَاصِيهِمَا لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا، بِالأَمْنِ وَالأَمَانِ وَالْعَدْلِ وَالإِيمَانِ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة


تاريخ الإضافة: 30/04/2019
المصدر: مكتب الشؤن الفنية
عدد القراء:
3219 الأرشيف طباعة Rss
القائمة الرئيسية
جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع قطاع المساجد - وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - دولة الكويت @ 2006/2019